-
“إن أفضل لون في العالم، هو اللون الذي يبدو رائعًا عليك”
على مر السنوات القليلة الماضية ومنذ الوقت الذي بدأت فيه بالبحث عن حلول للإنتاجية، وتنظيم الوقت، وتحقيق الأهداف… قرأت فيه كمًّا هائلا من المقالات عن هذه المواضيع، لكني كنت دوما أعود مخذولة. فطالما بَدَت لي هذه المقالات مجرد كلام مُنمّق لا أكثر، لم أستفد منها صراحة. لذا ابتعدت عن قراءة مثل هذه المقالات. حتى أني حين أصادفها أنظر إليهل بنوع من الاستهزاء، ليس استهزاءً بجهود من كتبوها حاشا لله، لكن لأنهم يتحدثون فيها بطريقة مثالية للحد الذي يجعلك تشعر أن الخطأ خطأك إن لم تحقق أهدافك. أنت إنسان فاشل، انظر كل شيء مثالي هنا غيرك أنت، أنت من لا ترغب بتحقيق أهدافك.سُحقًا.
هل بَدوْتُ لك وكأني ساخطة على هذا النوع من الكتابات؟ نعم لربما أنت محق. السبب بسيط جدا هو أن ظروفنا تختلف. هل أشرح لك أكثر؟ حسنا.لنأخذ على سبيل المثال حياة الرجل والمرأة. إنهما تختلفان كُلّيةً. فالرجل ربما يكون أكثر حرية من المرأة، على عكس المرأة خاصة وإن كانت ربة بيت، تلك واجبات منزلية لا تنتهي، زيارات عائلية…
طبعا أنا لا أقلّل من دور الرجل لكن أرى بأن لديه مرونة أكثر في حياته.أيضا التركيبة النفسية تختلف لكل منّا، فمنّا من نفسيّته هشّة لا يستطيع مجاراة الضغوطات، ولا يستطيع الإنجاز تحت الضغط أو التقدم نحو أهدافه ولو خطوة واحدة. ومنّا من يملك شخصية صلبة تستطيع مقاومة الظروف الصعبة في سبيل تحقيق أهدافها.ربما هناك من يعاني من ضيق السكن، ولا يملك غرفته الخاصة ليعتكف فيها إن صح القول ويحظى بالتركيز الذي يريده كي يكون أكثر إنتاجية. على عكس من يملك غرفته الخاصة أو أي مكان آخر يذهب إليه كي يكون غزير الإنتاج.
لربما هناك من يعاني من فوبيا النجاح، أو يعاني من ظروف صحية تمنعه من أن يكون غزير الإنتاج… وقِسْ على ذلك. كانت هذه لمحة عن اختلافاتنا كبشر.وبالحديث عن الإنتاجية وتحقيق الأهداف، صادفني هذا العنوان في إحدى النشرات البريدية المشتركة بها.”هل سحقت أهدافك الكتابية لسنة 2023؟” على ما يبدو أنه الوقت المناسب لتذكيرنا بمدى تحقيقنا لأهدافنا بعد مضي خمسة أشهر من هذا العام.
ما أعجبني في غراهام هو طريقة طرحه لموضوع تحقيق الأهداف بطريقة بَدَت لي أقرب للمنطقية وأكثر رفقا بالنفس. وهذا ما سأشاركه معك في هذه التدوينة. وبالنسبة للعنوان تابع القراء للأخير وستفهم سبب اختياري له.ما الذي يجعلنا نخفق في تحقيق أهدافنا الكتابية؟
من وجهة نظر غراهام فإن أولى الأسباب التي تجعلنا نفشل في تحقيق أهدافنا هي عقولنا المبرمجة لإبقاء الأشياء أحادية. كيف؟! إما أبيض أو أسود، جيد أو سيء، نجاح أو فشل… وهكذا دواليك لا مكان للوسطية أبدا. إنه الحاجة إلى المطلق. وهذه أولى مراحل الفشل.
يضرب غراهام مثالاً على ذلك أنه في بعض الأحيان حتى لو فاز الكاتب بإحدى الجوائز ومع ذلك فإن هذا لا يكفي ليشعر أنه كاتب. لذا فإننا لن نفوز بأي شيء حقا إذا ما سحقناها لكننا سنشعر بالفشل حتما إذا لم نفعل ذلك. وحتما سنشعر أننا لا نفعل ذلك. يعني ما يريد إيصاله هو أن عدم تحقيقنا لأهدافنا الكتابية لا يعد فشلا في حد ذاته، فما دمنا نسعى ونحاول لتحقيق أهدافنا الكتابية فنحن لم نفشل حقا. وحتى لو حققنا أهدافنا فمن الممكن ألا يجعلنا هذا نشعر بأننا كُتّاب حقا، لذا هوّن على نفسك ولا داعي لأن تجلد نفسك.
أما الشيء الآخر الذي يهيّئنا للفشل فهي مواقع التواصل الاجتماعي. إذ أن كل شيء فيها يبدو مثاليا في حياة أي شخص آخر لكن ليس في حياتنا نحن. تصور ذلك! “اوف! لماذا لا أحقق أهدافي الكتابية، بَيْدَ أن كل شخص على مواقع التواصل الاجتماعي يفعل ذلك، ما خطبي أنا؟” إنه ميلنا الكبير إلى مقارنة أنفسنا بالكُتّاب الآخرين مع ميلنا نحو الكمال. إذ ربما نفرض على أنفسنا أن نحقق نفس ما حققه الكتاب الآخرون على مواقع التواصل الاجتماعي وإلا سنبدو في نظر أنفسنا فاشلين.فما الحل إذن؟
يقترح علينا غراهام النصائح التالية لتحقيق أهدافنا الكتابية:
1.حدد أهدافك
لأنه وببساطة لا يمكنك سحق ما لا تعرفه. لذا حريّ بك أن تحدد أهدافا مثل كتابة 1000 كلمة في الأسبوع، أو تخصيص ساعة كاملة كل يوم للكتابة… أو أيًا كان المهم أن تضع لنفسك هدفا واضحاً.
2.ضع خطة لتحقيق أهدافك
هنا أنت ملزم بإعداد جدول للكتابة شريطة أن يكون واقعيا لك ولحياتك. أنت تعلم لكل منا ظروفه الخاصة لذا فالخطة التي قد تبدو ملائمة لك لربما لن تكون كذلك بالنسبة لي والعكس بالعكس. اجعلها مرنة وملائمة لظروف حياتك. والأحسن أن تخفض من سقف توقعاتك؛ يعني إذا كان هدفك هو كتابة 500 كلمة في الأسبوع وتكتب 900 كلمة ستكون أكثر سعادة لو كان هدفك 1000 كلمة في الأسبوع وكتبت 900 كلمة فقط. حتى أنك من المرجح أنك ستجلس للكتابة غدا بما أنك حققت هدفك ليوم أمس.
3.من قال أنه عليك سحقها؟
لا تستغرب ذكر نفسك دائما بأنك لست بحاجة لأن تتوافق مع هؤلاء الأشخاص المثاليين الموجودين في العالم الرقمي. حتى أنهم ليسوا كذلك في حقيقة الأمر. اطمئن لا أحد منا مثالي لكل منا نواقص وعيوب. فقبل كل شي يجب أن تكون الكتابة ممتعة. اكتب لأنك ترغب بذلك حقا وليس لكي تبدو مثاليا على منصات التواصل الاجتماعي.
4.رفقًا بنفسك إن لم تصل إلى أهدافك
امنح نفسك استراحة محارب مثلما يقولون، وارفق بها مالم تحقق أهدافك. لربما قد حدثت معك ظروف طارئة (مرض مثلا ً لا قدر الله، أو ظرف عائلي…) حالت بينك وبين تحقيق أهدافك، لا بأس بذلك تلك ليست نهاية العالم. حاول مرة أخرى.
5.احتفل بتحقيق أهدافك
هل حققت أهدافك؟ مرحى إذن. تعلم كيف تكون لطيفا مع نفسك. أنت بذلت مجهودا عملت بجد والتزمت فحريّ بك الآن أن تحتفل بإنجازك وسيكون أفضل لو شاركته مع زملائك الكتاب الآخرين.
وفي الأخير ينصحك غراهام بأن تنهض إذا سقطت طالما أنت تبذل جهدا لتحقيق أهدافك فأنت تقوم بعمل جيد. في كلتا الحالتين اعقد اتفاقية مع نفسك بأنك ستستمر بالكتابة غدا وبعد غد… طالما نواصل الكتابة ستكون أهدافنا في متناول اليد دائما. حافظ دائما على الدافع للكتابة لكن تخلص من كراهية الذات.
كانت هذه نصائح غراهام لتحقيق أهدافنا الكتابية، أرجو أن تساعدك في أن تغير نظرتك ولو قليلا لمعنى الإنتاجية وتحقيق الأهداف.
اه، كدت أن أنسى. قبل أن أنصرف لا بد وأن أخبرك عن سبب اختياري لهذا العنوان. في الواقع أن هذا العنوان هو شعار لشركة “كوكو شانيل” (إن أفضل لون في العالم هو اللون الذي يبدو رائعا عليك). رأيته مناسبا جدا لهذه التدوينة.صورة لشعار كوكو شانيل (Coco Chanel) من Pinterest ما أقصد من خلاله هو أن أفضل خطة في العالم لتحقيق أهدافك الكتابية هي الخطة التي تبدو ملائمة لك، وأفضل خطة للإنتاجية وتنظيم الوقت في العالم هي الخطة التي تبدو مناسبة لك ولقدراتك ولظروفك الحياتية. يعني باختصار لا توجد أفضل خطة في العالم لتحقيق الأهداف مناسبة للجميع، بل لكل منا خطة على مقاسه.
لذا كُفّ عن المقارنات فلكل منا طريقه الخاص في هذه الحياة. وأيضا أنصحك بشدة بقراءة هذا الثريد للمبدعة دليلة، ستشعر وكأنه يربّت على قلبك إن كنت تشعر أنك معتوه في عالم يضجّ بالإنتاجية والإنجاز مثلما تقول دليلة.
والآن أتركك على خير. إن أعجبك المقال وشعرت بأنه نفعك ولو بالقليل شاركه مع غيرك وسأكون شاكرة لك. -
افعل شيئا آخر في حياتك بدلا من أن تصبح كاتبا
من دون أي مقدمة سأجيبك مباشرة عن السبب الذي جعلني أختار هذا العنوان لتدوينة اليوم ببساطة لأن “حياة الكاتب هي الشيء الأقل روعة في العالم، فأنت تعيش كالأحياء الأموات، وحيدا ومنقطعا عن العالم.تبقى في ثوب النوم طوال النهار وتؤذي عينيك مُسَمّرا أمام الشاشة وأنت تتناول البيتزا الباردة وتتحدث إلى شخصيات خيالية ستفقدك صوابك في نهاية المطاف.تمضي لياليك وأنت تعصر أفكارك لتكتب جملة لن يلحظها ثلاثة أرباع قرّائك القلائل.هذه هي خلاصة أن تكون كاتبا”.
في واقع الأمر هذا ليس كلامي إنما هو مقتبس من كتاب حياة الكاتب السرية، لكنه يعبر عني وبشدة خلال الفترة الماضية وبالمناسبة ليس شرطا أن تتناول البيتزا الباردة ولا حتى أن تبقى بثياب النوم طوال النهار حتى تكون كاتبا.كنت غاضبة من نفسي خلال الفترة الماضية ومازاد من غضبي هو أني كتبت هذه المقدمة التي قرأتها لتوّك في شهر رمضان المبارك، لكني تركتها ولم أستطع إكمالها حتى صبيحة هذا العيد حيث قُدّر لها أن يُطلق سراحها لا لشيء سوى لكثرة المشتتات من حولي.وبالمناسبة عيدك مبارك صديقي الغالي وكل عام وأنت سعيد وإلى الله أقرب.وكل عام ومدونتي بخير دامت معطاءة.حسنا دعني أفعل هذا العيد شيئا مختلفا؛ أن أجرب شعور كتابة تدوينة ونشرها.
غاضبة من نفسي لأني بطريقة ما حِدتُ عن الخطة التي رسمتها لنفسي كي أطور من مستوى كتاباتي لأن تركيزي يخونني في هذه الفترة.إذ وجدتني أمام حفنة من المهام المتراكمة لم أنجز منها شيئا: فَتِلك دروس في اللغات تقاعست عن إكمالها، حصص رديف تنتظر مني تدراكها، حلويات عيد بالكاد انتهيت من تحضيرها، حساب تويتر ينتظر التفاتة مني، مشاريع علي تسليمها، مدونة أهملتها نوعا ما… لهذا السبب كنت محقة حين قلت في أول تدوينة لي بأني سأغير اسمها إلى “مدونة أنهَكَتني إهمالا” بدلا من ” مدونة كنزة.كل هذه المهام سلبت مني تركيزي.
أدرك جيدا أن مهنة الكتابة تتطلب صفاء الذهن، لكن على ما يبدو أنه من الصعب أن نحظى بهذه الرفاهية…”رفاهية التركيز” في عصر المشتتات لهذا فإن الجزء الأول من الاقتباس هو ما يعبر عني أكثر (حياة الكاتب هي الشيء الأقل روعة في العالم) لأنه بالفعل الكتابة في غياب التركيز تصبح الشيء أقل روعة في العالم، أما الانعزال عن العالم وعدم التفات القُرّاء لكتاباتك فتلك قضية أخرى.لربما قد أرهقت نفسي بعدد كبير من المهام وبالعادة أنا لست ممن يكتبون مهامهم ليوم غد، في الواقع حاولت فعل ذلك مرات عدة لكني فشلت في الالتزام بذلك، أحيانا ألقي باللوم على اليوم الذي يتكون من 24 ساعة فقط (أعلم أنه عذر غير مبرر على الإطلاق)، أحيانا ألقي باللوم على نفسي لأني ألزم نفسي بعدد من المهام أكبر من طاقتي، وأحيانا أخرى أقول بأن عيبي هو عدم الالتزام.
المهم خلاصة القول هو أني اخترت هذا العنوان في لحظة انفعال قاصدة به نفسي لأنه وفي نظري أن الكتابة لا يليق بها التشتت، إن كنت لا أحظى بالتركيز فعليّ عن أبحث عن شيئا آخر بدلا من أن أصبح كاتبة.وعلى أية حال فإن مقصودي من العنوان ليس تنفير أي شخص يرغب بأن يصبح كاتبا بل إني أشجعك على خوض التجربة إن كنت ترغب بها حقا.يبقى الشيء الأهم في كل هذا هو أني أدركت هذا الأمر مبكرا.
انتهت التدوينة اعذرني إن لاحظت عدم وجود أي انسجام أو إن بدت لك فوضوية بعض الشيء، لأني لا أريد أن أقف عندها طويلا وإلا سأغير رأيي ولن أنشرها، يمكنك اعتبارها فضفضةعالماشي، استمتع بعيدك ودمت بحب. -
أول تدوينة رمضانية…عودة للتدوين بعد غياب
أهلا بك، مبارك عليك الشهر ولو أني متأخرة 🤭 نحن في العشر الأواخر الأيام تمر بسرعة جنونية صدقني.
قبل أن أبدأ ما أخبارك؟ آمل بأنك بأفضل حال.
مر وقت طويل منذ آخر تدوينة لي في فضائي الخاص أقصد مدونتي، اشتقت للتدوين عليها بكل أمانة.لكن لِأُصدقك القول فإني أُقرّ بأن الالتزام بالنشر اليومي أصعب بكثير من الكتابة اليومية، أجل فأنا لا زلت ملتزمة بالكتابة اليومية فبالرغم من انشغالاتي لا زلت أخصص لها وقتا.أما النشر اليومي فهو صعب نوعا ما لأنه يحتاج إلى بحث وتحري عن المعلومة، بالإضافة إلى التنقيح والتشديب.فبالنهاية أنا لا أريد لقرّائي أن يأخذوا جرعة مميتة من الأخطاء الإملائية والنحوية، طبعا لست أقول بأن كتاباتي مثالية لكني أحاول قدر الإمكان أن أجعلها اقرب للمثالية (أعلم بأنه يستحيل أن أصل للمثالية يوما فالكمال لله وحده).
ما سبب هذا الغياب؟
سأفترض بأنك ترغب بمعرفة الجواب وأحكي لك ما حدث معي خلال هذه الفترة، لا يهمك أن تعرف ذلك البتة؟ حسنا وإن يكن هذه مدونتي وأكتب عليها ما أشاء 😅.
أراك لا تزال هنا، جيد ما دمت بقيت حتى الآن فهذا يعني بأنك تريد قراءة ثرثرتي أيها الفضولي.حسنا لنبدأ دون إطالة. بعد انتهائي من تحدي رديف توجهت مباشرة لحل بعض الأمور العالقة والتي أجلت حلها لشهور، البعض نجحت في حلها وقليل منها لا زلت أحاول معه إلى الآن.وإن كنت تسأل إن كانت تستحق مني كل هذا الوقت؟ نعم كان لزاما علي أن أتفرغ لها لأنها كانت تشتت تركيزي كثيرا وضريبة ذلك أني تخليت عن النشر على مدونتي.
عربون امتننان…
على عكس ما قرأت في بعض التدوينات لأشخاص اختبروا نفس المشاعر السيئة التي اختبروها في نفس الوقت من العام الماضي.لكن بالنسبة لي الأمر يختلف، فعلى عكس العام الماضي حيث كان شهري فبراير ومارس (آذار) صعبين للغاية ومررت بفترات اكتئاب وأحداث سيئة للغاية، وكوني شخص يحتفظ بالتفاصيل التي تؤثر فيه جيدا سواء كانت جيدة أو سيئة، أردت أن أكتب هذه الفقرة كعربون امتنان لشهري فبراير ومارس لعام 2023 إذ حظيت فيهما بأيام جد رائعة، مفاجآت سارة، لقد كانا هادئين للغاية والأهم من ذلك أني كنت مستقرة نفسيا وراضية ولله الحمد، شعرت بأنها جاءت لتحل محل تلك الذكريات السيئة التي عشتها خلال هذين الشهرين من العام الماضي.وان كنت تتساءل عن هذه الأحداث السارة فهي مجرد تفاصيل صغيرة لكن بالنسبة لي تصنع فارقا كبيرا في حياتي، مثلا حظيت بالجو المشمس الذي أحبه طوال شهر فبراير، التقيت بصديقات الجامعة بعد مدة طويلة، تمكنت من إنهاء تحدي رديف،حظيت بكثير من اللحظات الهادئة مع نفسي.
تجارب جديدة؟
لربما الغالب في الأمر أن غياب الشخص قد يكون سببه أنه يخوض تجارب جديدة في مكان ما،على الأقل هكذا كان الحال بالنسبة لي خلال فترة الغياب هذه.وما هي هذه التجارب الجديدة؟
خضت ثاني تجربة لي في الكتابة في مجال التسويق بالمحتوى واكتشفت أني أحب الكتابة في هذا المجال كثيرا وأبدع فيه صراحة.
كما قدمت أول خدمة لي في الترجمة من اللغة الفرنسية إلى العربية، في الواقع أنا لم أعلن بعد عن تقديمي لهذه الخدمة فهي لحد الساعة تبقى فكرة مؤجلة، لكن العرض جاءني على حين غرة من عميلي (تعاملنا معا من قبل وكنت قد أخبرته اني أجيد البحث بكل من اللغة الإنجليزية والفرنسية كذلك لهذا عرض علي الخدمة) وبصراحة لم أرفض لأني أريد إضافة تجارب جديدة لرصيدي وهو ما حدث بالفعل قدمت الخدمة وسارت الأمور على أحسن ما يرام.
أيضا حظيت بأول تجربة لي في إدخال البيانات لم أكن أعرف عن هذه الخدمة شيئا سوى اسمها، لكني حظيت بفرصة خوض التجربة عن قرب وقد كانت تجربة رائعة و ممتعة للغاية تعلمت منها الكثير.
أيضا من الأشياء الجديدة التي حدثت معي في تلك الفترة هي تجديدي لحسابي على تويتر، إذ لشهور وأنا أؤجل تغيير النبذة والصورة لكن فعلتها أخيرا وعدلته نوعا ما، وقد كان الرد سريعا من الأستاذ يونس حينما قال لي أنه أعجب بالصورة والنبذة التعريفية الجديدة.تعليق الأستاذ يونس عن الصورة والنبذة الجديدة لحسابي على تويتر الشيء الجميل أن الأمر كان مجديا فقد بدأ حسابي يحصد متابعين جدد، وكذلك صارت تغريداتي وثريداتي تلقى بعض التفاعل مقارنة بما كانت عليه سابقا.
قبل أن أنسى تحادثنا كثيرا أنا و تشات جي بي تي وتناقشنا في مواضيع كثيرة.
النقطة السوداء
لكن وسط كل ما قيل أعلاه تبقى النقطة السوداء في كل هذا هي تضييعي لعدد لا بأس به من حصص رديف العامة، أشعر بعذاب الضمير بكل أمانة بالرغم من أنه لم يكن تخاذلا مني عدم حضوري لهذه الحصص، لكن توقيت الحصص لم يسعفني نوعا ما خلال هذين الشهرين فلم يكن باستطاعتي حضورها لكن لا بد عليّ من تدارك الأمر.أعتقد أني قلت كل ما أردت قوله وقبل أن أتركك على خير أخبرني كيف حالك مع رمضان؟ إن شاء الله يكون رمضانك هذا أحسن من سابقيه، دمت بخير.
-
إلى أصحاب الأقلام السّاحرة: لكُتّاب المحتوى الذين يُحوّلون الأفكار إلى واقع
أنتم الصوت الذي يصل إلى الملايين، فأنتم تحملون مسؤولية كبيرة في نشر المعرفة والإلهام. إنما يمكن للكتابة أن تغير العالم، فتأكدوا من أنكم تنقلون رسالتكم بشكل صحيح.
استخدموا قدراتكم الإبداعية وتجاربكم الشخصية لصنع محتوى يلهم ويثير الفضول. لا تخافوا من التحدّيات، فمن خلال التحديات تكون الفرص العظيمة.
تذكّروا دائمًا أنّ أفضل الكُتّاب هم أولئك الذين يمكنهم توصيل المعلومات بشكل بسيط ومفهوم. اعملوا على تحسين قدراتكم في التواصل واستخدام الأساليب المناسبة للوصول إلى جمهوركم.
لا تيأسوا إذا ما واجهتم صعوبات، فالكتابة تتطلب الممارسة والتعلم المستمر. استمروا في تحسين أنفسكم والعمل على تطوير مهاراتكم، فهذا هو المفتاح للنجاح في هذا المجال.
أخيرًا، لا تنسوا أن تحافظوا على روح المغامرة والإبداع في كتاباتكم. فالأفكار الجديدة والمثيرة هي التي تجذب الانتباه وتثير الفضول. فكونوا مبدعين ولا تخافوا من التغيير.
إن الكتابة هي قوة تستطيع أن تُحدث تغييرًا إيجابيًا في العالم، فلا تترددوا في استخدام هذه القوة لنشر الخير والإلهام.قارئي الرقمي الجميل ما قرأته لتوّك لم يكن أنا من كتبته إنما صديقنا شات جي بي، لكن بطلب مني طبعا.صدقني أنا جِدّ جِدّ جِدّ مشتاقة للكتابة على مدونتي لولا الظروف التي حالت بيني وبين الكتابة والنشر في الفترة الأخيرة.لكن ذلك لم يمنعني من أن أُطِل عليك من خلال الذكاء الاصطناعي (بالمناسبة هذه أول مرة أنشر فيها تدوينة مكتوبة بالذكاء الاصطناعي) بهذه الربع تدوينة.
هذا فقط ما أردت قوله لك🌹 ابق بخير حتى ألقاك في الأيام القليلة المقبلة ♥️.
-
تحدي رديف لم يكن مجرد تحدي[كان بمثابة دورة مكثفة في الكتابة]
أهلا بك.هذه تدوينتي الأولى بعد تحدي رديف.مثلما برمجته سابقا تدوينة اليوم ستكون عن لماذا اخترت خوض تحدي رديف وبالطبع ماذا تعلمت منه؟رديف لم يكن مجرد تحدي للكتابة والنشر اليومي، أبدأ أبدا.دعني أقول بأن رديف كان أشبه بمعسكر تدريبي للكتابة.بالنسبة لي فالأمر لم يتوقف عند اختيار موضوع ما والكتابة عنه ونشره.
في حقيقة الأمر لقد كنت أخوض تحديين في ذات الوقت؛ الأول كان تحدي رديف، والثاني كان مجرد تحدي ما بيني وبين نفسي حيث ألزمت نفسي بكتابة قطعة محتوى أيا كانت، لم ألزم نفسي بعدد كلمات معين لكني فرضت على نفسي ألا اذهب إلى النوم قبل كتابة هذه القطعة.وبالفعل نجح الأمر معي حمدا الله.
كل هذا كان بسبب إحدى النصائح التي قرأتها شكرا من القلب لكاتبها، تقول نصيحته: “اكتب أكثر من مرة في اليوم إن استطعت”لأنك كلما كتبت أكثر سرّعت من عملية تحسنك في الكتابة، معه حق في هذا الجودة تتأتى بالكثرة.ولا أخفيك سرا أني كنت أشك في نفسي إن كان بإمكاني أن أفعلها أم لا، أي الكتابة أكثر من مرة في اليوم لكني أعتقد أني استخفيت بما يمكنني فعله حقا.فماذا تعلمت من تحدي رديف إذن؟
1.حاولت تعلم كتابة العناوين
تحدي رديف كان فرصة حقيقية لي لتعلم صياغة عناوين جذابة.لأني طوال فترة التحدي حاولت تعلم صياغة عناوين جيدة من خلال تجريب تلك التي تحتوي على أرقام، العناوين في صيغة سؤال… ويمكنني أن أقول أن الأمر نجح معي إلى حد ما.
2.البحث كل يوم عن فكرة للكتابة عنها
تسأل ربات البيوت كل يوم: ماذا أطبخ اليوم؟ أما من يخوص تحدي رديف فيسأل: ماذا أكتب اليوم؟ بالضبط هذا هو الحال معي خلال الأربعون يوما الماضية.أحيانا كان شح الأفكار يخرجني عن طوري، لكني قيدت نفسي بالبحث عن الفكرة بنفسي دون اللجوء إلى الأستاذ يونس ليس غرورا ولا تكبرا عن طلب المساعدة، لكن كي لا أكتسب عادة أن أتّكل على شخص آخر كي يزودوني بالأفكار.“تلك مسؤوليتك يا كنزة دبري رأسك” هذا ما كنت أقوله لنفسي دوما، ما عدا مرة واحدة فقد طرقت باب الأستاذ يونس كي يكلفني بموضوع وكعادته لم يبخل.
لكن تلك المدة كنت أتدبر أموري.فأحيانا أحاول أن أواكب ما يحدث؛ مثلا المنافسة الشرسة ما بين شركتي مايكروسوفت وغوغل، عندما كانت كل يوم تعلن واحدة عن دمجها للذكاء الاصطناعي في محرك بحثها، لترد الأخرى عليها في اليوم الموالي فعلا هذا التنافس أنقذني من ورطة.بالفعل مصائب قوم عند قوم فوائد.شكرا لهما فبفضلهما وجدت أفكارا جيدة أكتب عنها.
أما في مرات كثيرة فقد كنت أحاول الكتابة عن موضوع معين لكن من زاوية معاكسة تماما وبأسلوبي الخاص، مثلما فعلت في هذه التدوينة كيف تصبح كاتبا فاشلا؟[5خطوات غبية].صورة معبرة عن البحث عن أفكار جديدة.من Pixapy 3.تعلمت تحليل تدويناتي
بعد كل تدوينة أنشرها كنت أتركها لمدة زمنية معينة لأعود بعدها لتحليلها.بفضل هذا الأمر عرفت أي التدوينات يعجب بها قرائي وأي العناوين تثير فضولهم وأي أسلوب يلقى إعجابهم.
4.حللت كتاباتي كيف تكون وفقا لكل مزاج
بكل تأكيد أني لم أكن في مزاج جيد طوال الأربعون يوما الماضية أنت تعرف الحياة وتقلباتها.تحدي رديف سمح لي بأن أعرف كيف تبدو كتاباتي وفقا لكل مزاج.اكتشفت بأن كتاباتي تتأثر بعض الشيء بتغير مزاجي لكني أرفض أن أكون كاتبة مزاجية سأعمل على هذا.
هذه بعض الثمار التي جنيتها من تحدي رديف ولو أني متأكدة بأني نسيت الكثير من الأمور.
لكن بالمقابل…
خلال هذا التحدي فشلت في أمر واحد؛ وهو معرفة أي أوقات النشر تساعدني على وصول تغريداتي لأكبر قدر من الجمهور.عوّلت على تحدي رديف في هذا وكنت أنوي التنويع في أوقات النشر، لكن بطريقة ما فشلت في هذا. ففي كل مرة كنت أحاول تغيير توقيت النشر كنت لسبب أو لآخر أُجبَر على النشر في حدود الساعة الحادية عشر إلى الحادية عشر والنصف مساء.
هذا فقط ما كان معي لنهار اليوم؛ ما تعلمته من تحدي رديف.متأكدة بأن التدوينة ناقصة لكن لا بأس ربما سأعود لتحديثها حينما أتذكر ما نسيته، أو أكتب تدوينة أخرى جديدة كلية بعدما تختمر الأفكار في رأسي. -
هل أنت تعيش حياة الكاتب الحقيقي بالفعل؟
مرحبا، أرجو أن تكون بأفضل حال.أتدري ما اليوم؟ إنه اليوم الأربعون لي في تحدي رديف.أهنئ نفسي بهذا🙈.وأنا أنبّش اليوم في غوغل بحثا عن فكرة ما لأختم بها التحدي وقعت عيني أخيرا على هذا الموضوع؛ كيف تعيش حياة الكاتب الحقيقي؟عفوا وهل للكاتب حياة مختلفة عن الآخرين؟
وأنا أفكر بهذا الموضوع بَدَا لي وكأن للكاتب حياة سرّية لا يعرفها عنها أحد غيره، وربما في أحسن أحواله عدد قليل من أصدقائه أو أفراد عائلته.هلا شرحتي أكثر من فضلك؟ بالطبع هذا ما سأقوم به.فلنأخذ الطبيب على سبيل المثال فهو معروف عنه بأنه طبيب ربما لأنه بمئزره الأبيض ذاك عيادته الخاصة باختصار هو يمارس مهنته على مرأى من الجميع.
لاعب كرة القدم مثلا معروف بكونه لاعبا لأنه يتدرب على مرأى من يتدرب قبل أن يلعب مباراته، فضلا عن أنه معروف بأنه ينتمي إلى فريق ما، أما عن الكاتب؟ فالأمر مختلف، مثلا هو حينما يحمل كتابا معه أينما ذهب لن يظن أحد به أنه كاتب، لربما هو يبدو لهم مجرد شخص مثقف لا غير أو شخص عميق مثلما يحبون وصفه.حينما يحمل حاسوبه ويشرع في طرطقة أصابعه على لوحة المفاتيح من سيظن بأنه كاتب ويحاول كتابة شيء ما؟ ربما سيعتقدون بأنه يقضي وقته في التعليق من صفحة إلى أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي أو يدردش مع أحد أصدقائه.أصلا الكتابة تتطلب في الغالب انعزالا عن الجميع لكتابة شيء جدير بالقراءة.
مثلا أحد المواقف التي حدثت شخصيا قبل فترة قصيرة.حينما كنت أكتب إحدى التدوينات في تحدي رديف.آنذاك كنت في الحافلة فقلت لنفسي دعني أستغل الوقت في كتابة شيء ما.حينها كان يجلس بجانبي رجل كبير في السن،وأنا أكتب استوقفني قائلا:”بُنيّتي هل لي بسؤال؟ فأجبته: بالطبع تفضل يا عم.بعدها قال لي: ماذا تجدين في هذا الشيء هل تستفيدين منه حقا؟ لماذا طوال اليوم وأنتم منغمسون فيه؟كان يتحدث عن الهاتف.أجبته بأني نعم أستفيد منه من دون أن أحاول إقناعه بذلك، لأني أعرف جيدا أنه لن يقتنع.وهو ما حدث بالفعل حينما قال لي بالحرف الواحد: “دعكِ منه وعيشي حياتك قليلا واهتمي بأشياء مفيدة لك أكثر”.كيف لي أن أقول له بأن هذا هو عملي؟
ما كان مني سوى أن أصمت وأتوقف عن الكتابة.لقد كنت مضطرة لسماع نصائحه، وأنا أومئ برأسي في كل مرة يقدم لي فيها نصيحة، مبدية اتفاقي معه في كل نصائحه فقط كي أتجنب الدخول في جدالات عقيمة.صعبة حياة الكاتب هممم…ما رأيك؟!
صورة تعبر عن كاتب.من Pixapy حسنا إذن كيف تعيش حياة الكاتب الحقيقي؟
في الواقع أن الغاية من عيش حياة الكاتب هي أن تجعل منك كاتبا أفضل. وفقا للكاتب غراهام سترونغ.لا تقلق ستفهم أكثر في الفقرات التالية:
1.الكاتب الحقيقي يحافظ على إلهامه
يأتي هذا الإلهام من خلال القراءة عن أو مشاهدة مقاطع فيديو عن كُتّاب آخرين وأعمالهم هذا أمر ملهم للغاية.لماذا برأيك؟ اعتبرها كمحاولة لفك شيفرة سر نجاح هؤلاء الكُتّاب.ألا يخبروننا دوما بأن نقرأ لِسِيَر الناجحين ونتعلم منهم؟
2.الكاتب الحقيقي يبقى على اتصال مع زملائه الآخرين
صحيح أن مهنة الكتابة تتطلب انعزالا عن الآخرين، لكن هذا يمكن أن يزيد من متلازمة “لماذا الإزعاج”؟(لا وجود لهذه المتلازمة فقط تعبير عن الحالة التي يصل إليها الكاتب من كثرة انعزاله).كما تعلم أن الكاتب دائما ما يطلب عدم مقاطعته وإزعاجه أثناء الكتابة، قد يؤثر هذا على حياة الكاتب الاجتماعية إذ من الممكن أن يألف الوحدة بشكل مبالغ فيه.
لكن التواصل مع زملائك الكُتّاب الآخرين والالتقاء بهم يعطي إحساسا بالصداقة والقرب.فالقراءة عن حياة كُتّاب آخرين لا تجعل الارتباط بهم قويا مثلما يفعله الالتقاء بهم اجتماعيا والتجمع مع كُتّاب آخرين في ورشة عمل إن أمكن ذلك.فإن هذا يخلق إحساسا بالانتماء ويساعد على الشعور بأنك جزء من تقليد الكتابة.
3.الكتابة باستمرار
مما لا يرقى إليه الشك أن الكتابة هي التعبير الحقيقي عن كونك كاتبا بالفعل، فالكاتب الحقيقي يكتب باستمرار، ولا بأس ببعض التوقف من حين لآخر لإعادة شحن طاقته الإبداعية من جديد.أيضا إن كنت ممن يفضل أو يؤمن بوجود طقوس قبل البدء بالكتابة ممكن أن تجعل لك طقوسا خاصة، بحيث تعطي إشارة لعقلك بأنه قد حان وقت الكتابة كي يُسهّل عليك الانغماس في العملية.كأن تخصص وقتا محددا للكتابة أو تشرب كوب قهوة قبل البدء… لا أعلم تلك شؤونك الخاصة ولكل منا ما يناسبه.
كانت هذه بعض النصائح كيف تعيش حياة الكاتب الحقيقي، أو بالأحرى هي ليست نصائح بقدر ما هي طريقة للشعور بالارتباط بعالم الكتابة أتمنى لو أنها كانت مفيدة لك.سعيدة أني وصلت إلى هنا كانت هذه آخر تدوينة لي في تحدي رديف.نلتقي في التدوينات المقبلة بإذن الله.
-
هل تحظى برفاهية التركيز أثناء عملية الكتابة؟
“كان الإنترنت هو الطريقة الوحيدة التي تمكنت من خلالها من الوصول إلى مجموعة المعارف التي يمكن أن ترضي فضولي، وبحثي الأبدي للخروج من القذارة.بدون الإنترنت كنت سأكون رجلا مختلفا تماما”،المدون بن وجدي.لا يمكن لأحد إنكار فضل الإنترنت على كثير منا وتحسين طريقتنا في العيش ولا زالت مستمرة بفعل ذلك.أبسط مثال على ذلك، أنك وبضغطة زر واحدة ستجد أجوبة لكل تساؤلاتك وتحصل على كم هائل من المعلومات المجانية، لا، والأروع من هذا أن الكثير قد بدأ البزنس الخاص به على الإنترنت شيء مذهل ما وصلنا إليه صح؟
لكن بالرغم من كل هذه الامتيازات التي نحظى بها اليوم، إلا أنه لا يمكننا صرف النظر عن حقيقة أن انتباهنا قد أصبح سلعة نادرة في ظل وجود كل هذه المشتتات من حولنا.كنت قد كتبت في تدوينة سابقة عن فقداننا للقدرة على القراءة العميقة بسبب مشتتات العصر، لكن ماذا عن الكُتّاب هل هم في منأى عن هذه المشتتات حينما يكتبون؟ قطعا لا.
هل أنت كاتب تقليدي أم عصري؟
يؤمن الروائي الأمريكي جوناثان فرانزين بقاعدة مهمة تقول: “أشك في أن أي شخص لديه اتصال بالإنترنت يكتب شيئا جيدا” هذا هو رأيه.كما أنه يعتبر أن ترك الإنترنت مفتوحا أثناء الكتابة يشبه تماما الكتابة أمام النافذة.في الواقع إنها نافذة رقمية لشبكة ويب عالمية، يكون فيها الوصول إلى المعلومات فوريا ومجانيا، في هذا الوقت تعمل الإشعارات والتطبيقات على تكثيف نقص التركيز.شخصيا أتفق معه في هذه النقطة بالذات ففي بداياتي كنت كاتبة تقليدية، أي كنت أميل لاستخدام الورقة والقلم أثناء الكتابة، لأني أجد نفسي في حالة من الإلهام والأفكار تتدفق بسهولة.كما أن رائحة الورق والقلم تزيد من حالة تدفق الأفكار لدي، على عكس كتاباتي على لوحة المفاتيح.
حتى أني أذكر أن مقالاتي التي كتبتها على موقع الأمنيات برس كانت على الورق، بعدها أعيد كتابتها على الوورد، ومن ثمّ نسخها ولصقها على مدونة الموقع.لأني بهذه الطريقة كنت أحظى برفاهية التركيز.لكني وجدت أن العملية مُضنية فانتقلت إلى كوني كاتبة عصرية، أقصد أكتب مباشرة على لوحة المفاتيح لربح الوقت.من هنا بدأت رحلة التشتت، حيث أكتب والإنترنت مفتوحة وسيل جارف من الإشعارات يحيط بي من كل جهة سبب لي هذا الأمر إزعاجا كبيرا.صورة معبرة عن مسببات التشتت من Pixapy قبل أن أشتري الحاسوب كان الحل أن أشتري هاتفا آخر، من جهة كي أُسرّع سيرورة عملي، ومن جهة أخرى كي أحافظ على تركيزي بعض الشيء.وبالفعل كان لي هذا.إذ أن كل ما كان يلزمني من الهاتف الجديد هو اتصال جيد بالإنترنت ووجود محرك البحث غوغل فيه، ويوتيوب بالإضافة إلى مستندات غوغل، هو خالٍ تماما من تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أني لم أشترك في أي قناة يوتيوب منه حتى لا يصلني أي إشعار.حينما كنت أكتب عليه كنت آخذ لقطة شاشة لكل المعلومات التي أحتاجها بعدها أغلق النت، وأدرج لقطات الشاشة هذه في ملف مستندات غوغل كي تبقى المعلومات أمام عيني وأشرع في الكتابة بتركيز دون أية مشتتات.أما عن الهاتف الآخر فكنت أتركه للتواصل مع العملاء والدخول منه إلى حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي و…
كان هذا جزءا من تجربتي الشخصية عما تفعله المشتتات أثناء عملية الكتابة.فمثلما سهّلت علينا الإنترنت الوصول إلى المعلومة، سلبت منا في المقابل أغلى شيء في عملية الكتابة إنه “التركيز”.فهل ستحرمنا هذه المشتتات من الكتابات الجيدة من خلال القضاء على تركيزنا؟
في الأخير سأتركك مع هذه الاقتباس وشاركني رأيك به في التعليقات.يقول المؤلف الأمريكي ويليام زينسر:”لا أعرف ما هي الأعاجيب الأحدث التي ستجعل الكتابة مرتين أسهل في الثلاثين عاما المقبلة، لكنني أعلم أنهم لن يجعلوا الكتابة أفضل مرتين”. -
من أين تحصل على أفكارك؟ أنا أصنعها، من رأسي
لا، ليس كما تظن فهذه ليست إجابتي على هذا السؤال، بل هي للكاتب نيل غيمان.واحدة من بين التحديات التي يواجهها الكُتّاب؛ هي من أين يحصلون على الأفكار.يقول غيمان أن كل مهنة لها عيوبها.فمثلا الأطباء يُطلب منهم دائما الحصول على استشارة طبية مجانية، والمحامين يُطلب منهم الحصول على معلومات قانونية، ونُسأل نحن الكُتّاب من أين نحصل على أفكارنا.لكن عفوا من هو هذا غيمان؟ لا تقلق، حضّرت لك الجواب في الأسطر التالية 👇
نيل غيمان
نيل غيمان هو كاتب روايات وقصص قصيرة بريطاني، بالإضافة إلى أنه مؤلف كتب للأطفال وغيرها من الأعمال الأدبية الأخرى.ويعد Sandman واحدة من بين أشهر أعماله.
من أين يحصل غيمان على أفكاره إذن؟
“من نادي فكرة الشهر، أو من متجر صغير للأفكار في بوغنور ريجيس(هي مدينة تقع في بريطانيا)، من كتاب قديم مليء بالأفكار في قبو منزلي، من بيت أتكينز (كاتب سيناريو وروائي صديق غيمان)” في البداية كانت هذه إجابة غيمان المضحكة مثلما يصفها عن هذا السؤال، لكنه توقف عن فعل هذا وأصبح يخبر الناس بالحقيقة: “أنا من أصنعها، من رأسي”.لكن بحسب غيمان فإن الناس لا يحبون هذه الحقيقة، يبدون غير سعداء بها، كما لو أن هناك سر كبير ولأسباب خاصة فهو لا يخبرهم بذلك.
لكنه ينفي ذلك، إذ يقول بأنه حقا لا يعرف من أين تأتي الأفكار، وما الذي يجعلها تأتي، أو ما إذا كانت ستتوقف يوما ما.كما أنه يشك في أن أي شخص يسأل هذا السؤال يريد حقا سماع محاضرة مدتها ثلاث ساعات حول العملية الإبداعية.فضلا عن أن الأفكار ليست بهذه الأهمية، بحق هي ليست كذلك فكل شخص لديه فكرة من كتاب أو فيلم أو قصة أو مسلسل.صورة معبرة عن الأفكار من Pixapy لكن الأفكار ليست هي الجزء الصعب
بالنسبة لغيمان فإن الأفكار ليست هي الجزء الصعب.إنها جزء صغير من الكل.الأكثر صعوبة بالنسبة له هي عملية الجلوس ورصف الكلمات واحدة تلو الأخرى لبناء كل ما تحاول بناءه؛ لجعله ممتعا وجديدا.وكونه كاتب قصص فإن الناس يريدون معرفة ما إذا كان يحصل على أفكار هذه القصص من أحلامه أم لا.إجابته كانت لا، لأن منطق الحلم ليس منطقا للقصة.
يمكنك الحصول على أفكارك من أحلام اليقظة، من الشعور بالملل، يمكنك الحصول على الأفكار في كل وقت.الفرق الوحيد بين الكُتّاب والأشخاص الآخرين هي الملاحظة.كما يمكنك أن تحصل على أفكار إذا ما طرحت على نفسك أسئلة بسيطة أهمها: ماذا لو…ماذا لو استيقظت بأجنحة؟ ماذا لو تحولت أختك إلى فأر؟ هكذا كانت إجابة غيمان عن سؤال من أين تحصل على أفكارك لمجموعة من الأطفال.مضيفا بأن كل الأعمال الخيالية هي عملية تخيل؛ أيا كان ما تكتبه فإن مهمتك هي أن تصنع الأشياء بشكل مقنع وجديد ومثير للاهتمام.وعندما تكون لديك فكرة تمسك بها ثم اشرع في الكتابة، وضع كلمة تلو الأخرى حتى تنتهي، مهما كانت.لكن في بعض الأحيان فإن الأمر لا ينجح أو ليس بالطريقة التي تخيلتها في البداية.
عن الجحيم؟
يقول غيمان بأن فكرته عن الجحيم تتمحور حول ورقة بيضاء، أو شاشة فارغة.وهو يحدق فيها، غير قادر على التفكير في شيء واحد يستحق قوله، شخصية واحدة يمكن أن يؤمن بها الناس، قصة واحدة لم تُروى من قبل. يبدو بأنه يتحدث عن حبسة الكاتب.هذه كانت بعض إجابات غيمان عن سؤال من أين تحصل على الأفكار.وللأمانة فإني اختصرت الكثير وذكرت لك ما بدا لي الأهم فقط، لذا يمكنك العودة إلى موقعه وقراءة المزيد.
-
5 نصائح أقدمها لنفسي قبل ستة أشهر
اليوم لم أستقر على فكرة واحدة لأكتب عنها ما تسبب في إرباكي نوعا ما.إذ يبدو لي وكأن مخزوني من الأفكار قد بدأ ينضب هذه الأيام.دعك من هذا كله، حمدا لله أن برزت هذه الفكرة على السطح منذ قليل.جئتك اليوم بخمسة نصائح تمنيت لو أني عرفتها في بداياتي، أتحدث عن الأربعة الأولى على وجه التحديد.لن أطيل كثيرا في المقدمة لذا دعنا نبدأ.
1.عليك بالقراءة المكثفة
كثيرا ما كنت اقرأ هذه النصيحة فيما يتعلق بالنصائح المقدمة للكُتّاب.لكن أغلبها قد أوجِزت في بكلمة واحدة؛ اقرأ فقط.عن نفسي؟ سأشدد على أن تكون القراءة مكثفة. من المستحسن أن تخصص من ساعة إلى ساعة ونصف للقراءة يوميا لو استطعت ذلك.ممكن في بداياتك أن تقرأ لمدة أقل ريثما تكتسب عادة القراءة، لكن الأفضل لو تطيل هذه المدة أكثر بمرور الوقت.فكلما قرأت أكثر اكتسبت مخزونا لغويا أكبر.
2.اقرأ قراءة عميقةأقصد ألا تكتفي بأن تجري عملية مسح للكتاب بعينيك فقط وتظن أنك قرأته، بل يجب أن يكون عقلك حاضرا كي تحلل وتناقش ما تقرأه مع عقلك ولا تكتفي به على أنه شيء مُسلّم به.أيضا وأنت تقرأ تمعّن في أسلوب الكاتب واحتفظ بالعبارات التي أثارت إعجابك.شخصيا وكون أغلب كتبي التي أقرأها إلكترونية، فإني أحتفظ بلقطات شاشة للعبارات التي أثارت إعجابي وأحاول محاكاة أسلوبها في كتاباتي، حتى لو كتبتها ولم أنشرها.ومرات كثيرة تساعدني هذه الطريقة في استلهام عبارات خاصة بي.
مصدر الصورة Pixapy 3.اكتب مرتين في اليوم إن استطعت
لكي تصبح كاتبا عليك بالكتابة.غالبا هذه هي النصيحة التي ستسمعها.لكن بما أن الجودة تأتي بالكثرة ربما تكون الكتابة أكثر من مرتين في اليوم حلا مناسبا، إن أردت التحسن بسرعة وتُمرّن عضلاتك الكتابية.مثلا يمكن أن تخصص وقتا للكتابة الصباحية أو عن موضوع ما، وقبل نومك تدون أهم ما حدث معك طوال اليوم.سيُسرّع هذا من تحسين أسلوبك في الكتابة.
4.تدرب باستمرار
قد تبدو هذه النصيحة مشابهة لسابقتها، ممكن ظاهريا نعم.لكني أقصد الحالة التي تعمل فيها كاتب محتوى بالفعل.لا تجعل كل كتاباتك لعملائك وتهمل تدريب نفسك، بل خصص وقتا لك واكتب عما تشاء ولو كتابة حرة. لماذا أقول لك هذا؟ لأنها واحدة من بين الأخطاء التي وقعت فيها في بداياتي.حيث أني اكتفيت بالكتابة للعميل ونسيت أن أتدرب، صحيح أني كنت أقوم بفعل الكتابة بشكل يومي وهذا يعتبر تدريبا أيضا، لكني أهملت الكتابة الحرة.هذا الشيء أثّر عليّ بالسلب، لأني وقعت في فخ أني أصبحت أكرر بعض العبارات في كل مقال.مع أن العميل لم يقل شيئا، إلا أنه وبالنسبة لي هذا الأمر غير مقبول إطلاقا، فأنا أحب أن أجعل من أسلوبي متجددا وهو ما كان سيحدث لو التزمت بالتدرب على الكتابة.
5.تعلم لغات أخرى
إلى جانب لغتك الأم لا تكتفي بالإنجليزية فقط، إن استطعت أن تضيف لها لغة أخرى فسيكون هذا أمرا رائعا.قد يحدث وأن يستعصي عليك فهم معلومة ما، من الممكن أن تستعين بلغتك الأخرى في البحث وتجدها مشروحة بشكل أبسط، أو ربما قد لا تجد معلومات كافية حول موضوع معين فقد يساعدك إتقانك للغة أخرى كالإسبانية أو الفرنسية… في إيجاد معلومات إضافية تزيد من قيمة مقالاتك.
يسعدني جدا أن أنظر إلى عداد الكلمات وأجده يتجاوز ال 350 كلمة بعد كل التخبط الذي عشته اليوم لكتابة هذه التدوينة.أعتقد أنه الآن بقي لي سوى أن أقول لك دمت بخير وأراك في تدوينة الغد. -
كيف أصبح انتباهنا سلعة نادرة تسببت في فقداننا القدرة على القراءة العميقة؟
“عند القراءة يتوقف المرء في منتصف الفقرة التي صدمته، ويفكر فيها مرتين.قد يجادل القارئ مع المؤلف، أو حتى يضحك عليه وعلى سطحيته.باختصار، يصبح القُرّاء الشرهون في النهاية مفكرين نقديين”.هكذا عبرت الكاتبة الأمريكية ريبيكا سولنيت عن حالة القراءة العميقة.
لكن في عصر الطوفان المعلوماتي الذي نعيشه اليوم بات هذا الأمر صعبا للغاية.السبب؟ إنه التسارع الاجتماعي والثقافي الذي جعل الإنسان المعاصر يعيش زمنا لاهثا قلقا متسارعا، إذ أصبحنا نميل بوضوح إلى السرعة في كل شيء من تناول الطعام بشكل أسرع، والتواصل مع أفراد الأسرة.حتى مشاهدة التلفاز، والمكالمات الهاتفية، والتواصل الاجتماعي، والمواصلات، والقيام بالأعمال الإدارية والقراءة كلها تحصل بسرعة متواترة بسبب التكنولوجيا وفقا للفيلسوف الألماني المعاصر هرمورت روزا.
كيف تدهورت القراءة العميقة في ظل مُشتّتات العصر؟
قبل أن نتعرف على الأسباب دعنا أولا نعرف ما معنى القراءة العميقة؟
تُعرف القراءة العميقة بأنها القدرة على القراءة المتواصلة البطيئة، التي تعتمد في المقام الأول على التمعن في المعاني والكلمات المكتوبة.وتساعد القراءة العميقة على تطوير التفكير الخطي والسرد المبني على منطق التتابع، بالإضافة إلى تطوير ذاكرة الحدث، وكذلك تعزيز الانتباه والتركيز وتطوير الحسّ النقدي للفرد.صورة معبرة عن القراءة من كتاب ورقي.المصدر Pixapy فكيف تدهورت القراءة العميقة إذا؟
كشفت إحدى الدراسات الفرنسية عن تقلص الوقت المخصص للقراءة في حين أن المساحة المخصصة لوسائل التواصل الاجتماعي والإصدارات الالكترونية قد اتسع.فمثلا يمكن أن نستشهد في هذا بأحد التقارير الرسمية الأخيرة حول استخدام الإنترنت في جميع أنحاء العالم، وفي ماليزيا على وجه التحديد كانت 88٫7% هي النسبة المئوية لمستخدمي الإنترنت في عام 2020.حيث يقضي نصفهم من 5 إلى 12 ساعة يوميا على الإنترنت، بينما يقضي 21% أكثر من 12 ساعة يوميا على الإنترنت.
أيضا ووفقا لدراسة للمعهد الوطني الفرنسي للكتاب، فإن الوقت المخصص للقراءة أصبح لا يتعدى الثلاث ساعات أسبوعيا، مقابل اتساع المساحة المخصصة لوسائل التواصل الاجتماعي والإصدارات الالكترونية التي أصبحت تفوق الثلاث ساعات ونصف يوميا.تشير دراسة فرنسية أخرى إلى أنه وبسبب مُشتّتات العصر فإن 47% من الفرنسيين قالوا بأنهم عاجزون عن القراءة بطريقة متواصلة تفوق العشر دقائق، وفي الغالب يقرؤون وفي الوقت ذاته ينتقلون بين قنوات التلفاز أو بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أن البعض الآخر يقرأ وهو يجيب عن الرسائل النصية على هواتفهم النقالة أو يقرؤون وهم يستمعون للموسيقى.
صورة معبرة عن القراءة من اللوح الالكتروني.المصدر Pixapy لكن لماذا كل هذا التشتت؟
شرحت صحيفة “سلات” الفرنسية أسباب هذه الظاهرة بأنه سيكون “من الصعب التركيز في القراءة حين يكون سيل جارف من الرسائل الالكترونية والفورية ومختلف شبكات التواصل على بعد نقرة واحدة.بمجرد أن تفتح صفحة ترى الإعلانات والروابط وكأنها تقفز في وجهك، الحضور المستمر لهذه المحفزات يوقف نقل المعلومات بين الذاكرة الحسّية والذاكرة العاملة، ثم بين الذاكرة العاملة والذاكرة طويلة المدى.
قبل أن أسترسل في الشرح دعنا أولا نتعرف على هذه الأنواع من الذاكرة.
1.الذاكرة الحسّية
الذاكرة الحّسية هي مخزن الذاكرة قصيرة المدى.حيث أن مدة تخزين الذاكرة الحسّية للمعلومات يكون محدودا وعادة ما يكون أقل من الثانية.
2.الذاكرة العاملة
الذاكرة العاملة هي إحدى الوظائف التنفيذية للدماغ.تختفظ بمعلومات جديدة في الدماغ حتى يتمكن من العمل بها لفترة وجيزة وربطها بمعلومات أخرى.مثلا تتيح الذاكرة العاملة للتلاميذ رؤية الأعداد التي يقولها معلم الرياضيات في دماغهم، وقد لا يتذكر التلاميذ هذه الأعداد حتى بعد 10 دقائق، ذلك لأن الذاكرة العاملة أدت مهمتها على المدى القصير من خلال مساعدتهم على معالجة المهمة المطروحة في وقتها فحسب.
3.الذاكرة طويلة المدى
الذاكرة طويلة المدى هي من تحتفظ بالمعلومات والمهارات بشكل دائم، كما أن سعة تخزينها غير محدودة.لنعد الآن لشرح أسباب هذا التشتت
بدلا من تفعيل التفكير البطيء والعميق الذي تتطلبه القراءة، فإن الاستخدام المستمر للإنترنت يمكن أن يحول المرء إلى مستجيب سريع، أي في كل مرة يتلقى فيها معلومة يقرأها بسرعة وينتقل لقراءة المزيد من المعلومات الأخرى على الفور.
وقد كان الكاتب الأمريكي نيكولاس كار أول من دق ناقوس الخطر على هذه الظاهرة في كتابه “ماذا فعل الإنترنت بعقولنا؟” حينما عبر عن هذه الحالة في مقدمة كتابه على هذا النحو: “ينتابني في الآونة الأخيرة شعور مزعج بأن أحدا ما يعبث بعقلي، أصبحت أجد صعوبة في قراءة الكتب، تركيزي يتشتّت بعد صفحة أو صفحتين.أشعر بالقلق وأبحث عن شيء آخر أفعله، أشعر أنني أقضي وقتي في إعادة عقلي المتأخر إلى النص.أصبحت القراءة العميقة التي كانت تأتي بشكل طبيعي صراعا يومياً”
التكنولوجيا غيرت أسلوب التلقي للمعلومات
لو أمعنّا في الطريقة التي أصبحنا نتلقى بها المعلومات ستلاحظ أنه يُعرض علينا كم هائل من هذه المعلومات، والذي يستدعي قراءة سريعة سطحية دون أدنى تعمق ومتقطعة أيضا، ناهيك عن انخفاض جودة ما نتلقاه من معلومات.كما أننا أصبحنا أكثر ميلا للمعلومات المتضمنة للصور والتعليقات السريعة.
هذه هي منافع القراءة من كتاب ورقي
توصلت دراسة أمريكية أجريت على 170 ألف قارئ إلى أن القراءة من كتاب ورقي تُنشّط مناطق الدماغ من الذاكرة والكلام والمعالجة البصرية، ذلك لأن الشكل وغلاف الكتاب، والرائحة، وعدد وسُمك الصفحات يساعد دماغنا على دمج المعلومات التي تصله والاحتفاظ بها بشكل أفضل مع مرور الوقت، في حين أن القصص والروايات التي تُقرأ على الشاشات ترتبط بتجربة حسية أقل، ما يؤدي بالنهاية إلى معالجتها وحفظها بشكل أقل.صورة معبرة عن كتاب ورقي.المصدر Pixapy هل هذا يعني أنه يتعين علينا وقف الهواتف واللوحات الالكترونية؟
لا، ليس هذا هو الحل.لكن ربما تكمن الخطوة الأولى في أن تصبح واعيا حول مقدار الوقت الذي تقضيه على الإنترنت، ومن ثم تحاول تحديده.من دون أن ننسى بأن تتعامل بشكل جدي مع الإدمان على الإنترنت، أجل تعامل معه على أنه تهديد خطير لعقولنا وحياتنا، كما يجب أن نعزل أنفسنا عن العالم الرقمي من حين لآخر.إذ تقول الكاتبة الأمريكية ريبيكا سولنيت عن تجربتها في قضاء عدة أشهر متتالية دون الوصول إلى الإنترنت، بأن هذا الفعل قد أجبرها على أن تبطئ سيرورة حياتها، والتفكير بشكل أعمق، والتركيز بشكل أفضل، واتخاذ قرارات عقلانية وإعداد خطط أفضل.ناهيك عن إنجاز أعمالها في وقت مبكر من اليوم بدلا من القفز إلى الالكترونيات من أول الصباح على حد تعبيرها.
هل القراءة العميقة أصبحت مهددة؟
حول هذا الأمر يتنبأ الكاتب نيكولاس كار باضمحلال القراءة العميقة التي ستصبح خلال السنوات القليلة القادمة حكرا على النخبة فقط.وهو ما أيده الفيلسوف ماثيو كروفورد أيضا، إذ من وجهة نظره هو الآخر فإن القراءة العميقة ستصبح مقتصرة على قلة من الناس فقط.فهل ستنجح الأوساط الرقمية في القضاء نهائيا على القراءة العميقة أم أنها هذه الأخيرة ستنجح في الصمود وسط كل هذه المُشتّتات؟